منتدى وجدة تايمز

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى وجدة تايمز


    جندي في الجيش المجهول

    avatar
    شهيد لحسن امباركي


    عدد الرسائل : 18
    العمر : 54
    تاريخ التسجيل : 13/09/2011

    جندي في الجيش المجهول Empty جندي في الجيش المجهول

    مُساهمة من طرف شهيد لحسن امباركي الخميس مايو 10, 2012 12:54 am

    جندي في الجيش المجهول

    أود أن أشير إلى القارئ الكريم أنني أكتب عن هذا الجندي ليس من باب الافتخار به و لا من أي باب من إظهار أننا أحسن من الغير و لا ما شابه ذلك بل فقط لأدون تاريخ رجل عاش حياة جد بسيطة لا يحب إظهار نفسه كانت لديه قدرات خارقة ولم يستعملها إلا لخدمة العباد أو دفاعا عن نفسه اضطرارا. فهكذا كثيرا من الناس لا نعرف و لا نبالي بقيمتهم إلى بعد فقدانهم، فعلى الأقل أحسن إكراما لهم هو أن نكتب عنهم و لو القليل ليبقى ذكرهم مسجلا على صفحات التاريخ.
    أترحم على أستاذي المرحوم الحاج السيد محمد الزروقي الذي ألف ألف كتابا يتحدث فيه عن سكان قرية بني درار، عن تقاليد و عادات أهلها و أيضا عن جذورهم و أنسابهم وخاصة أهم رجالها الذين تألقوا في ذاكرة تاريخ هذه القرية العجيبة. فأتذكر ذلك اليوم الذي طلب مني أن أمده بمؤلفات الجندي المرحوم الذي ينتمي إلى الجيش المجهول مِنْ مَا تركه من مخطوطات و كتب حيث أخبرني بأنه بصدد جمع المعلومات ليوثق بها كتابه و أنه سيخصص مكانا مهما في كتابه حول هذه الشخصية فلم أصدقه في ذلك الوقت و ظننت أنه هو الآخر مثل كثير من كانوا يترددون على منزل الجندي من يوم وفاته و إلى يومنا هذا يبحثون عن خزانته عارضين على أهله كثير من المال في بعض الأحيان. نعم كثير من الناس مِنْ مَنْ نَعرفهم و حتى مِنْ مَنْ لا نعرفهم أتوا أهله من جميع أنحاء المملكة لشراء بعض الكتب التي كانت من إنتاجه خاصة لذى الفقهاء الروحانيين و من لهم اطلاع على أسرار و علوم الحـرف و الجن و كل ما له علاقة بعالم ما وراء الحُجُبْ و الباراسيكولوجي.
    أما أستاذي المرحوم السيد محمد الزروقي لم يكن مثل هؤلاء الناس يبحثون عن مصالحهم الشخصية
    و تبين لي ذلك بعد أن أهدى إليَّ كتابه بعنوان قبيلة بني درار و قال لي متأسفا لماذا لم تصدقني فعلى كل حال أنظر إلى الصفحة رقم 55، هناك بعض السطور عن الجندي فكنت أود أن أكتب الكثير عن حياته لو أطلعتني و لو عن القليل. فكان جوابي له مقنعا و هو يعرف جيدا حرصنا على هذا الإرث الذي لا يستحب أن يقع بين أيدي من هب و دب.
    أشكر أستاذي السيد محمد الزروقي بالترحم عليه، هذا الرجل الشجاع الذي أمنا عدة سنوات بالمسجد الكبير بقريتنا داعيا فيها الناس إلى الطريق المستقيم. و من شيمه أنه كان يفضح الفاسدين في قريتنا هؤلاء الأشقياء اللذين أذوه بمضايقاتهم له سواء بالسب و الشتم عن طريق الرسائل و الهاتف بل هددوه حتى بالقتل. فيا للأسف كيف يعامل من كان نجما مضيئا في قرية أغلب سكانها لا يعرفون القراءة و لا الكتابة، أشهد له أمام الله أنه رَبَّى و هدى كثيرا من الجهلة فكنت أسمع غالبا من أشخاص كبار السن فاتهم التعليم سواء في الوسط العائلي أو في الشارع يرددون ألم تسمع ما قاله الإمام يوم الجمعة أو قال لنا الإمام السيد محمد الزروقي../ متذكرين ما أرشدهم به و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على استيعابهم لدروسه القيمة.
    أبدأ بسرد بعض المقتطفات التي لم يتمكن من كتابتها في كتابه حول هذا الجندي الذي ينتمي إلى الجيش المجهول فهو من أولياء الله الصالحين ولد قبل سنة 1914 م بضواحي قريتنا بأم الزهراء المعروفة بمدرستها القرآنية العتيقة و التي تخرج منها كثير من الفقاء فتلقى دروسه الأولية بها و تابع طلب العلم بعدة مدارس قرآنية متنقلا بين المغرب و صحراء الجزائر فاكتسب ما كان يسعى إليه كما أنه واصل بحوثه باجتهاداته الذاتية والمنفردة في هذه الجهة من المملكة. و يتجلى ذلك في ما تركه من كتيبات أذكار للتسبيح و التهليل و الصلاة على الرسول وآله(ص) كانت تتلى في المحافل الدينية و بعض المساجد المحلية و مواسم هذه المنطقة و بمناطق قريبة لدى جيراننا في الجزائر. و أيضا كتب في علاج بعض الأمراض و كتب أخرى في علوم الروحانيات و الأسرار الباطنية فهذه الكتب الأخيرة هي التي كان يتهافت عليها من ذكرتهم سابقا كما أنه كانت لديه كرامات كثيرة من الله عزوجل حيث كان يقصده الناس من كل صوب لطلب العلاج أو لقضاء الحوائج و للتبرك و خير دليل شهادات الناس الكثيرة و أيضا قصص غريبة و عجيبة لا يصدقها العقل فهو معروف جدا عند الجميع خاصة عند المسنين، و ما أن سألت أحدا عنه إلا و حدثك بقصة عنه، فلا يسعني المجال لأذكرها لكن أكتفي ببعض منها و هنا أتذكر ما قرأته في كتاب الأستاذ عن القائد محمد التميمي (صفحة رقم 44) و بما اتصف به من صرامة و قساوة مع العباد فكان هو الحاكم والقاضي و الدركي و السجان يتصرف في العباد و في أملاكهم كما يشاء و كما جاء في كتابهSad...فكان يسجن و يضرب الناس و يهينهم دون تمييز أو تمحيص بل بمجرد حضور الشخص ينهال عليه سبا و شتما.../). و مهما كل ذلك إلا أنه بنى عدة معالم في قريتنا من بينهما السوق و لا يعلم الكاتب أن هذا القائد اختار في أول الأمر بناء السوق على أرض هذا الجندي إلا أنه تفاجأ لما و جده أمامه شاهرا مسدسه في وجهه قائلا له أخرج يا ظالم من أرضي فلم يستطع حتى بالنطق فارتبك عائدا بسرعة إلى مكتبه يسال حاشيته عن من يكون هذا الشخص الذي لم يسبق له أن رأى مثله بهذه الشجاعة و الجرأة فأخبروه بمن يكون محذرين إياه بعدم الاقتراب منه ومن أرضه وإلا سيعرض نفسه للهلاك.
    فأفراد عائلة الجندي رغم قلتهم كانوا ناس محترمين جدا بفضله من طرف كل من يعرفه من أصحاب السلطة و أيضا من طرف القبائل الكبيرة و القوية التي عاشوا وسطها و أأكد لكم أنه لو كانت عائلة أخرى بقلة نفرها كمثل عائلته لما استطاعت العيش يوما واحدا آنذاك في مثل هذا الوسط كقبائل العرب في عصر الجاهلية.
    عائلة الجندي كانوا ناس جد متواضعين لا بالأغنياء و لا بالفقراء كانت لديهم قطع أرضية في بني درار ومنطقة تسمى أمراس قرب الحدود مع الجزائر و أخرى مجاورة و متفرقة ما يكفيهم للعيش. كما أنه أسس مدرسة و مسجد في نفس الوقت بأرض أمراس كان يعلم فيها أبناء الأقرباء و أبناء القبائل المحادية كما كان يأوي إليها إخواننا المجاهدين الجزائريين لما تطاردهم قوات الاحتلال الفرسي و لا يزال أطلال أثر هذه المدرسة قائما ليومنا هذا.
    و كما يروي لي أبنائه الكبار أنه في عام معروف بعام الجوع أو المجاعة اضطر الجندي و أخوه الكبير مع أبنائهما إلى الهجرة نحو الشرق أي الجزائر حيث أحسنوا إكرامهم هنالك و باشرا أخوه و ابنه الكبير التدريس بجماعة بني خالد أما الجندي فمهمته التطبيب و القضاء و الصلح بين الناس ثم تاجرا بمدينة بني انصاف.ومن الأمور الغريبة أيضا أنه كان مهاب الجناب حتى من عسكر فرنسا فكان أينما حل لا يقترب جند الفرنسيين خاصة و آنذاك كانت تشن حملات التفتيش على المنازل و لهذا كان يتوسل إليه الناس للبقاء معهم وكان صاحب الكلمة المسموعة و المحترمة جدا من طرف الجميع.
    فعزم الاستقرار في هذا البلد ثم عاد للمغرب لزيارة أقاربه تاركا وراءه ابنه الأكبر الحاج السي أحمد في المتجر الذي ظل يتردد عليه المقاومين الجزائريين لاقتناء حاجاتهم و مواعيدهم لتبادل الأخبار و الرسائل فيما بينهم لما وجدوه من أمان في هذا المكان. و لما عاد الجندي وجد دكانه مغلقا
    و أخبروه أن المحتل أسر ابنه الحاج السي أحمد و دمروا البضائع و كل ما وُجٍدَ بالداخل، قضى ابنه السي أحمد 5 سنوات سجنا ذاق فيها كل أنواع العذاب. كما التحق ابنه لحسن برجال المقاومة هذا الابن الذي كان معروف بغليانه الثوري يسأل دائما والده أن يدعوا له بالاستشهاد حيث شارك في تفجير أكبر خزين للمحتل بغار البارود و استشهد قريبا من هذه المنطقة بعد أن طوقهم المستعمر بالطائرات و الغازات الحارقة. و تكريما لهذا البطل الشجاع سمي شارع باسمه بهذه المدينة.
    و بعد كل هذه الوقائع المؤلمة عاد مع كل أهله نهائيا إلى المغرب. و شبت منافسة بينه و بين أحد شرفاء القرية الأقوياء في مجال علوم الروحانيات و الجن فوقعت بينهما حرب باردة ألا و هي من يستولي على أكبر عدد من الجن و هنا أقر أن الجندي كان لديه ملوك عديدة من الجن و تعلمون أن لكل ملك الملايين من أتباعه و لهذا اشتدت المنافسة مع خصمه الذي اعترف أخيرا بانتصار الجندي و استسلم لأمر الواقع. أما أغلب فقهاء القرية فكانوا يهابونه كثيرا و يخشون حتى من المرور أمامه لما كان يعلمه عنهم من أفعالهم الشريرة. و من ما يدل على تفوقه هو كيفية معالجة بعض القضايا التي كانت تعرض عليه من قبل الناس و كثيرا من الشهود بل أصحاب هذه القضايا لا زالوا أحياء كلما التقينا بهم يتذكرونها و يحكوها مرات و مرات. و من عاداته أنه لا يُعِينُ إلا من كان مظلوما و لا يعمل أي سوء و لو أعطيته كل مال الدنيا ما قبل بذلك، كما أنه كان يعرف مسبقا ما سينطق به أي شخص أمامه و كل ما يدور بخلده.
    سأذكر لكم بعض القصص التي سمعتها أنا شخصيا من شهادات أصحابها :
    من بينهم أحد الأقرباء كان دركيا مشكلته أنه ضرب ضابطه فحكم عليه بالسجن أصدر من القيادة العليا للدرك الملكي (لا يزال يحتفظ بنص البرقية ليومنا هذا) و هو يستعد للالتحاق بالسجن تذكر الجندي، فذهب فورا عنده و قص عليه مشكلته و كان فعلا مظلوما و بعد برهة رد عليه بهذه العبارة "ما يكون غير الخير إن شاء الله ما دمت أنا حي فلن تدخل الحبس بإذن الله قم و ارجع إلى عملك"
    و في اليوم الموعود امتثل ابن العم لخطاب البرقية و لم يكن يصدق قول الجندي ذاهبا صوب السجن و كان قائد المنطقة في استقباله أمام الباب ينتظره و فاجئه يا سيدي ارجع لعملك نحن لم نستدعيك و لم نقل لك أي مكروه ارجع ارجع لعملك. و منذ ذلك الوقت و ابن العم يحضى باحترام فائق جدا من قبل كل أركان القيادة الجهوية و ظن زملائه أن لديه يد طويلة في القيادة العليا و كما قال تركتهم على ظنهم يتناقلونه فيما بينهم إلا بعض الزملاء المقربين منه و بما أننا نتحدث عن الدرك هناك قصة أخرى وقعت له على الطريق الرابط بين بني درار و مطار وجدة أنجاد: استوقفه دركيان و هو على متن دراجته النارية و تعاملا معه بقسوة و احتقار و أخذا منه 10 دراهم و بعد رجوعه إلى المنزل لحقاه هذان الدركيان في حالة يرثى لها طالبين منه الاعتذار وأرجعا له العشرة دراهم، فحسب ما تحكيه زوجته أن الدركيان أكلا ضربا مبرحا من حيث لا يدريان فعرفا أن العقاب حل بهما من سوء معاملتها لهذا الشيخ. كما أنه هناك صدفة عجيبة بعد مرور أكثر من 50 سنة من هذه الأحداث و أثناء عودة زوجته من سفرها وحيدة من باريس نحو وجدة، طُلِبَ من أحد الأشخاص كان بدوره عائدا للمغرب أن يساعدها لكبر سنها ليريها الطريق إلى الطائرة و أثناء تجاذبهما أطراف الحديث سألها من تكون و لما قالت له أنا زوجة المرحوم فلان أي الجندي فرد عليها أعرف هذا الاسم و كنت أتمنى رأيته و لو مرة في حياتي إن كان هو نفسه فلقد سمعت عنه الكثير من أقوال الخير، و كان هذا الشخص بدوره دركي متقاعد و سألها عن الدركي ابن العم فقالت له أعرفه و هنا تأكد أنه أمام زوجة هذا الجندي الذي كان دائما يرجو لقائه بل كما قال كنت أتصيد لقائه على الطريق أثناء عملي، إنه فعلا رجل فريد من نوعه و لم يكتب لي القدر أن ألتقي به لكنني أخيرا التقيت بزوجته و طلب منها الدعاء لأحد أبنائه بالشفاء.
    و قصة ثالثة تدور حول تواجد أحد أبناء عمي بفرنسا و لا يدي أحد من أرسل برقية إلى عمي تقول بأن ابنه توفي فانتشر الخبر بسرعة مهولة و بدأ الناس يتوافدون للعزاء و أعدوا حفرة القبر و لم يكن في ذلك الوقت و سائل سريعة للاتصال إلا عبر الرسائل المرسلة عبر البريد و لم يكن في القرية كلها إلا هاتف مكتب البريد المهم أنه كانت صعوبة كبيرة حتى في كيفية الاتصال بالهاتف آنذاك لكي يجدون من يأكد لهم هذا الخبر و حينها كان الجندي غائبا، وصله الخبر متأخرا و في الغد ذهب الى دار عمي التي كانت مكتظة بالناس، اعتزل في أحد البيوت و خرج بعد هنيئة مسرعا يبشرهم بحياة ابنهم و أنه خبر كاذب و أمرهم ليتوقفوا عن البكاء فأغلب الناس صدقوه إلا أبويه و إخوته. قال لهم اذا كان ابنكم ميت فادفنوني حيا في قبره قبله و مهما ذلك لم يقتنعوا بقوله إلا بعد مرور يومين بعد أن تكلم ابن العم بنفسه مع أبويه هاتفيا و انقلب العزاء إلى فرح.
    قصة رابعة اعتداء امرأة على الجندي:
    كانت امرأة من عائلته المقربة سمعت وشاية و هي أنه يبحث عن زوجة لزوجها فأسمعته كلاما مجرحا فلم تمر عليها بضع ساعات إلى أن تحول لون جلدها إلى سواد مرعب فكل من نظر إليها ترعبه حتى أبنائها مهما كبرهم كانوا ينفزعون من رأيتها و ظلت على هذه الحالة المزعجة إلى أن اعترفت بما اقترفته من خطأ في حق الجندي و التجأت إليه مهزومة تقبل يديه و رجليه طالبة منه العفو و قال لها إن عاودتي سيضاعف عقابك فزادته هذه الأحداث هبة أكثر داخل عائلته الكبيرة. فكما ذكرت لم تكن هذه الأفعال التي تُهِمَ بها من شيمه بل كان يلم شمل الأزواج و أتذكر حكاية من جارنا عن رفيق له، تركته زوجته بفرنسا و عادت هاربة إلى الوطن و ظل المسكين يعاني و متألما من هذا الفراق إلى أن أتى به هذا الجار عند الجندي حيث قال لجارنا "ياكحل الجلدة ما تْجِيبْش لي الناس راني في عطلة لكن قضية مسعجلة كهذه لا بأس" و أخيرا قال للمشتكي اذهب يوم الاثنين على الساعة الرابعة زوالا إلى مطار أورلي ستجد زوجتك هناك في انتظارك و فعلا ذهب ووجد زوجته كما قيل له. و تأكد لي زوحته قوته في الجمع بين الزوجين مهما صعبت القضية.
    و من معجزاته أنه كان يتنقل من مكان لآخر بدون أن يستعمل أي وسيلة للنقل و لو كانت بعيدة
    ومن ما هو غريب أيضا حسب ما روته لي أم صديق لي أنه ذات ليلية كان الجندي مع زوجها في سهرة دينية بعيدة عن منازلهما. خرج الجمع متأخرا و الكل ركبوا سياراتهم و لم يبقى إلا الجندي و صديقه الذي قال له "يا سيد الحاج بقينا هنا" و رد عليه الجندي اسمع جيدا أغمض عينيك و ستجد نفسك في بيتك فقال صديقه لا لا تفعل و ما أن انتهى من هذه الكلمات حتى وجد أمامه سيارة لا يدري
    كيف و من أين أتت و لا مَنِ السائق فركبا وعادا بأسرع من من سبقوهم.
    قصة سابعة و قعت وقت الحصاد حيث ذهب ليطلب من صاحب آلة الحصاد التي كانت بجوار أرضه
    ليحصد له زرعه، و سأله الحصاد كم لديك من هكتار؟ قال الجندي هكتارين فرد عليه الحصاد
    بتهكم لا يمننا حصاد زرعك لأن لديك قطعة صغيرة فقال الجندي لماذا و أنت قريب من أرضي
    فجاوبه الحصاد بالرفض لأن لديه طلبات كثيرة تعد قطعهم من 15 هكتار فما فوق و هم أسبق،فكان آخر جواب للجندي قال فيه للحصاد الله كريم يا ابني وامتطى دراجته النارية و انصرف و ما أن ابتعد قليلا حتى توقفت آلة الحصاد، و كان معهم رجل قد شاهد ما دار بين الحصاد و الجندي و كان
    يعرف هذا الأخير فقال للحصاد أظن أنك أخطأت و لا أظن أنك ستستطيع إقلاع آلة الحصاد و لم يبالي الحصاد بقوله و بدأ يبحث عن العطب فلم يجده و بعد يومين من التعب المضني و بعد أن وبخوه و أنبوه الناس على تصرفه المتكبر مع الجندي أرشدوه أن يعتذر للجندي و يقبل حصاد زرعه، و أخيرا ذهب الحصاد بنفسه يبحث عن الجندي إلى أن وجده وطلب منه الاعتذار فعاد الجندي معه وقال له قل بسم الله و أقلع آلتك و صعد الحصاد و إذا به يتفاجأ بآلته تشغل من جديد و ترك الأرض التي كان يحصد فيها و دخل فورا يحصد زرع الجندي و تعجب كل الحاضرين من هذا الأمر الغريب.
    قصة ثامنة دارت بين ميكانيكي و حسب اعترافه قال أن الجندي مر أمامه فبدأ يردد بِتَتَمْتُمٍ
    من يكون هذا و ماذا يعتقد نفسه و أشياء أخرى مخجلة من السب و الشتم بدون سبب و فجأة انزلق
    مفتاح من يده و سقط على قشط المحرك الذي كان يدور بسرعة قوية فارتمى عليه المفتاح ألقاه مرميا على الأرض بثلاث كسور في أضلاعه. و هناك قصص أخرى غريبة و عجيبة تروى عن هذا الجندي
    في الاستشفاء و أخرى لا يصدقها العقل البشري إلا من له دراية بعلم الباراسيكولجيا الذي أصبح يدرس إلا في جامعة واحدة في هذا العالم كله بأمريكا. و لا ننسى أن الجندي كان من العابدين الذاكرين
    القائمين فكما روى لي شخص من أقاربه يقول نمت عنده ذات ليلة فاستيقظت عدة مرات و كلما أفتح عيني إلا و أجده واقفا يصلي و ظل قائما هكذا إلى الصبح و قال لي نفس الشخص مقسما بالله لو كان الجندي يبحث في ميدان الذرة لكان أول من أكتشفها و أيضا كثيرون يقولون أنه كان يجد كل صباح مبلغا من النقود تحت وسادته ما يكفيه لسد حاجياته مع عائلته.
    لقد ترك بصماته منقوشة في ذاكرة من عرفوه يزورون قبره الذي لم تقام عليه لا قبة ولا بناء دفن في قبر عادي لم يكتب عليه إلا اسمه، فمهما شهرته التي لا ينكرها أحد و عطائه لكثير من العباد لم يكن ينتظر لا جزاء و لا شكورا بل نال رضوان خالقه الذي إليه ترجع كل نفس و تُنَبَّأ بما عملت فخيرنا من اتقى الله و عمل صالحا و ما هذا الجندي إلا والدي المرحوم الحاج السيد عبد القادر لمباركي الظلفي أسأل الله أن يرحمه و يرحمنا بناس مثله نحتاجهم لأمتنا و أمنيتي أن يعرف الجميع يومًا مَا من هو هذا الجيش المجهول الّذي ينتمي إليه كثيرين أحياء لا أحد يعرفهم لأنهم رفضوا أن يتنازلوا ويحسبوا رقما من الأرقام في حاشية الملك أو الأمير أو الحكام فهم جيش مجهول لو استرشدنا بهم لما بقى في هذه الأمة الظلم والجور والعداء والبغضاء والحسد والانتقام و لعاشت الشعوب بهم على المودة والتفاهم والاحترام ورغم أن أغلب الملوك والحكام يلجئون إليهم وقت الشدة وفي الظلام.
    للكاتب شهيد لحسن امباركي 09/05/2012.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 7:03 pm